طريق الشيطان
ذات يوم وفي نهاية شهر رمضان المبارك.. إذ فتاة ممن لعب الشيطان بعقلها.. وانساقت لهواها.. وغفلت عن مراقبة الله لها.. وقد نصحها الكثير.. لكنها تعرض ولا تستجيب.. إذ بها تتصل عليَّ هاتفيًا.. استقبلت مكالمتها .. نعم.. خيرًا إن شاء الله..
سأخبرك يا ( ....) بأمر ولكن بشرط.. لا أريد نصائح ولا توجيهات..
قلت لها: إذا ماذا تريدين؟
أريد أن أخبرك بما يجول في خاطري فقط.
قلت لها برحابة صدر.. هات ما عندك.. كلي آذان صاغية.. في الحقيقة أريد أن أصارحك بشيء .. قد تستغربين من كلامي..
قلت لها: لا عليك.. ماذا عندك؟
سكتت برهة.. ثم قالت: أنا فتاة أحب شخصًا وأثق فيه.. وكل ليلة وبعد صلاة التراويح يحادثني بالهاتف.. كل ذلك والأهل في غفلة عني..
سألتها: كيف تعرفت عليه؟ قالت:
أعجب بي عندما رأى عيناي من خلال النقاب في السوق.. ألقى إلي رقم هاتفه.. أراد أن يرى وجهي.. ولكنني رفضت.. قويت العلاقة بيني وبينه.. أشعر بصدقه وإخلاصه.. لا أستطيع فراقه..
قلت لها: وهل أنت سعيدة بذلك؟
قالت: نعم؛ ولكنني أشعر بشيء من الضيق والحزن والخوف؛ لذا اتصلت عليك.
قلت لها: حسنًا.. أنا لن أوجه نصائح ولا إرشادات.. ولكن أطلب منك شيئًا واحداً؛ وهو أن تقرئي عليَّ سورة الفاتحة الآن..
قالت باستغراب.. سورة الفاتحة..
قلت: نعم.
قالت: الأمر سهل جدًا ..
قرأتها : ليس هكذا.. اقرئيها بخشوع وتدبر.. استشعري بالآيات وأنت تقرئينها..
لم تفهم ما قلت؛ لكنها ابتدأت قائلة: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
استمهلتها، قلت: تحمدين الله على ماذا؟
قالت: على الصحة والعافية والسعادة وعلى غيرها من النعم الكثيرة..
قلت لها : أمن يمن عليك بهذه النعم الكثيرة يستحق أن يبارز بالمعاصي وفي أرضه وبنعمه؟؟
سكتت ولم تتكلم..
قلت لها : أكملي السورة..
قالت : الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
قلت لها: تطلبين من ربك الرحمة... وتصفينه بأنه رحمن رحيم.. ومن رحمته أنه لم يهتك سترك ولم يفضح أمرك ولم ينزل عليك عقاباً حتى الآن.
واستمرت في القراءة وأنا أسألها عن كل آية تقرؤها..
ثم قلت لها: اذهبي الآن وتوضئي واستحضري الوضوء ثم صلي لله ركعتين وتفكري بما تقرئين.. وتذكري أنك في شهر فضيل وفي أيام لها شأن.. واسألي الله أن يجعلك من عتقائه من النار.. ثم عودي وحادثيني..
أغلقتُ السماعة.. وتوجهت إلى ربي أدعو لها أن يفتح قلبها وأن يصلح بالها.. وينير بصيرتها.. وإذ بجرس الهاتف يرن.. رفعت السماعة.. وإذ بها تلك الفتاة .. سألتها عن حالها.. وبماذا تشعر.. قالت: أشعر بسعادة غريبة وراحة نفسية لم أحس بها من قبل.. أحس أن الله قذف في قلبي الكره والبغض لذلك الرجل الذي كنت أحبه.
قلت: الحمد لله الذي أرشدك للصواب وفتح بصيرتك للحق.. حسنًا يا أختي العزيزة.. هل تقبلين مني الآن نصيحتي؟ قالت.. بكل سرور.. هات ما عندك..
قلت لها: أخية! اعلمي أن هذا الرجل الذي كونت معه هذه العلاقة غير الشرعية ورضي لنفسه بذلك ما هو إلا رجل مخادع ماكر.. وإنه لا يريدك إلا للتسلية فقط.. فاحذري أيتها الغالية أن تذبحي نفسك بسكين المعاكسات فتهدمي بذلك مستقبلك وتهدري كرامتك وكرامة أهلك.. إن هذا الطريق (طريق المعاكسات) أو بالأصح طريق الشيطان.. منحدر.. ونهايته مرة.. وهلاك.. وخزي..
وعار..
أخية! حاسبي نفسك.. وتذكري أن الله يراك ويعلم بحالك وتفكري بالموت وسكرته.. تذكري القبر وظلمة الحساب وشدته.. والجنة ونعيمها.. والنار ولهيبها..
اشغلي وقتك بما ينفعك في دينك وآخرتك.. وإياك أن تعودي لتسالي وحيل الشيطان..