يا مقلب القلوب
انقطعت أخبارها فترة طويلة بعد زواجها.. آخر عهدنا بها أيام الجامعة.. وما أسرع الأيام! فقد مرت كلمح البصر.. كنت أتشوق لمعرفة أحوالها.. كم كنا نستفيد من نشاطاتها الدعوية.. ونستشيرها في بعض المسائل والأمور المستعصية.. كانت مثالاً للفتاة المسلمة.. تأثر بها وبنصحها وتوجيهها الكثيرات.. كانت نعم الداعية إلى الله.
كم كان يؤلمها أن ترى منكرًا ما أو تسمع غيبة.. فيتمعر وجهها .. فتبادر بالنصيحة والتوجيه.. كانت حريصة على الخير.
وفي إحدى المناسبات كان ذلك اللقاء الذي لا ميعاد له.. رأيتها في إحدى زواجات أقاربنا.. وليتني لم أرها.. حقيقة لم أعرفها في بادئ الأمر.. أيعقل أن تلك فلانة؟؟ لا أصدق ما أرى.. ماذا جرى لها؟؟ ما هذا التغير والتبدل لحالها؟.. أين التزامها؟.. أين دعوتها إلى الله؟.. لقد رأيت منها ما أبكى القلب وأدمى الفؤاد.. ومما زاد ألمي أنها عندما سارت بالقرب مني.. ناديتها.. فلانة.. فلانة.. التفتت.. نظرت إلي.. فما كان منها إلا أن أشاحت بوجهها عني.. ثم ذهبت وكأنها لا تعرفني أو لا تريد أن تتذكر تلك الأيام الرائعة التي قضيناها في طاعة الله.. أيام حرصنا على كل دقيقة فيما ينفع.. كانت الواحدة منا تعين أختها على الخير.. توجهها.. تنصحها..
حينها انتابني شعور غريب.. خوف رهيب.. أخذت أردد دعاء النبي : «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك».