أذكار السعي

المراد بالسعي بين الصفا والمروة قطع المسافة بينهما سبع مرات بعد أن يكون المرء قد طاف بالبيت.

و"الصفا": في الأصل جمع صفاة، وهي الحجر العريض الأملس، والمراد به هنا مكان عال في أصل جبل أبي قبيس جنوب المسجد قريب من باب الصفا، وهو شبيه بالمصلى طوله ستة أمتار، وعرضه ثلاثة، وارتفاعه نحو مترين كذلك كان.

و(المروة): واحد المرو، وهي حجارة بيض، أو الصخرة القوية المتعرجة، وهو: جبيل صغير من حجر المرو، وهو الأبيض الصلب، ويقع في الجهة الشرقية الشمالية على بعد نحو 300 متراً من الركن الشامي للكعبة المشرفة، وهو منتهى المسعى الشمالي، وأحد مشاعر الحج، والمراد هنا مكان مرتفع في أصل جبل قعيقعان، في الشمال الشرقي للمسجد الحرام، قرب باب السلام، وهو شبيه بالمصلى، وطوله أربعة أمتار، في عرض مترين، وارتفاع مترين، وكان متصلاً بجبل قعيقعان.

والحاج أو المعتمر إذا انتهى من طوافه بالبيت عليه أن يتوجه إلى الصفا لينطلق في سعيه، ويبتدئه من هناك، وللسعي بين الصفا والمروة أذكار واردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا توجه الحاج أو المعتمر إلى جبل الصفا قال: أبدأ بما بدأ الله به، ثم يقرأ قول الله تبارك وتعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ...} إلى آخر الآية(البقرة:158)، ولا يقرؤها في غير هذا الموضع، ثم يرقى على الصفا حتى يرى الكعبة، فيستقبلها ويرفع يديه فيحمد الله ويوحده ويكبره قائلاً: الله أكبر الله أكبر الله أكبر (ثلاثاً)[1]، ويدعو بما شاء أن يدعو، وكان من دُعاء النبي صلى الله عليه وسلّم: ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له المُلك وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجزَ وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده)) صحيح مسلم (3009)، يُكررّ ذلك ثلاثَ مراتٍ، ويدعو بين ذلك دعاءً طويلاً.

قال جابر بن عبد الله رضي الله عنه ذاكراً سعي النبي صلى الله عليه وسلم ونزوله من الصفا متوجهاً إلى المروة: "ثم نزل إلى المروة، حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادى سعى، حتى إذا صعدتا مشى حتى أتى المروة ففعل على المروة كما فعل على الصفا، حتى إذا كان آخر طوافه على المروة" رواه مسلم (3009).

قال الإمام النووي رحمه الله: "ويستحب أن يقول في مروره بينهما: "رب اغفر وارحم، وتجاوز عما تعلم، وأنت الأعز الأكرم، اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفى الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، وأن يقرأ القرآن"[2].

ثم يسعى متجهاً من الصفا إلى المروة، ويسرع في مسيره بين العلمين الأخضرين وهو الأبطح لما جاء عن بديل بن ميسرة عن صفية بنت شيبة عن أم ولد شيبة قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسعى بين الصفا والمروة وهو يقول: ((لا يقطع الأبطح إلا شداً))[3]، أي: يقطعه الشخص مسرعاً، والنساء ليس عليهن هذا الإسراع.

فإذا وصل الحاج أو المعتمر إلى المروة فقد قطع شوطاً، فليفعل على المروة ما فعله على الصفا من قول: ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له المُلك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجزَ وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده)) يكرر ذلك ثلاثاً، ويستقبل القبلة، ويرفع يديه، ويقول في بقية سعيه ما أحب من ذكر وقراءة ودعاء، فإذا نزل من جبل المروة أكمل سبعة أشواط مختتماً شوطه السابع بالمروة، ولينهي بعد ذلك ما بقي عليه من عمرته من حلق أو تقصير.

والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.



[1] مناسك الحج والعمرة للشيخ الألباني (1/24).
[2] المجموع (8/75).
[3] سنن ابن ماجه (2987)، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه.

جزاكــ الله كل خير اخي مشكووور