ضريبة السعادة الزائفة

ضريبة السعادة الزائفة

الفرحة لا تسعني وأنا أسمع والدي يتحدث عنه.. إنه رجل ثري.. عاقل.. ستعيشين معه في سعادة ورفاهية.. سيحقق لك كل طلباتك.. ستجدين أمامك الخدم.. والقصر الفخم.. والأثاث الوثير.. و .. وسيحملك على كفوف الراحة.. زواجك سيكون في أفخر الفنادق.. وشهر العسل سيكون رحلة إلى الدول الأوربية.. أنت أحسن أخوتك حظًا.. الكل يحسدك على هذه الحياة.. كثيرات يتمنين هذا العريس..
لم أسأل عن خلقه ودينه.. ألهتني تلك المغريات التي كان يعرضها علي والدي.. كنت أعيش حلمًا جميلاً رائعًا .. أمان كثيرة كانت تراودني تلك اللحظات.. إذ بالحلم الجميل ينقلب إلى كابوس مخيف.. لقد استيقظت على حقيقة مرة مؤلمة.. أحسست بزيف تلك السعادة التي كنت أنشدها.. أشبه ما تكون بالسراب الذي زال بمجرد اقترابي منه.. اكتشفت أن زوجي مدمن على الخمر.. إنسان بلا أخلاق.. كان عصبي المزاج.. يثور لأتفه الأسباب.. كثيرًا ما كان يضربني.. ويسبُّني.. ويحقرني بمستوى أهلي المادي والاجتماعي.. يمن علي بالمساعدات المالية التي يقدمها لوالدي.. كنت أخجل من تصرفات والدي الذي باعني بالرخيص لمثل هذا الإنسان.. لم يهتم سوى بمصالحه.. كانت سفريات زوجي للخارج كثيرًا ما تكدر صفو حياتي.. نصحته.. خوفته بالله.. هددته أن أترك له البيت.. لكنه كان يعرف موقف أهلي مني فلم يبال.. لم أنس كلمات أمي عندما بكيت أمامها بحرقة؛ لتردي حال زوجي فقالت لي: ليس للمرأة سوى


بيت زوجها.. ماذا تريدين؟ لديك الخدم والحشم.. انظري لحال أخواتك التعيسات مع أزواجهن وهن في ضنك من العيش.. رمقتها بعينيَّ الحزينتين.. علمت أن الكلام مع أهلي لا ينفع.. رددت في نفسي: إنها ضريبة السعادة الزائفة التي كنت أحلم بها.. ولو أني جعلت قول الرسول  : «إن جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه». نصب عيني لما حصل كل هذا.. ولما كانت هذه النتيجة المرة القاسية..
فتأملت في حديث من كان يقول بألم وحرقة ونصيحة وتجربة بأن كثيرًا من الآباء يغريهم المنصب العالي والجاه والمال عن النظر إلى ما فيه صلاح بناتهم.. وكذلك بعض الفتيات.. فإذا تقدم لهم الثراء والمركز قبلوا به دون أن يتحروا عن دينه وخلقه كما أمر الرسول ، وليعلموا أن مثل هذه الأمور الدنيوية الزائلة لا تجلب السعادة والهنا إذا عدم الدين؛ بل قد تكون وبالاً وحسرة؛ فيتعرض للضياع والفساد والفتنة .. وكم من المشكلات والحوادث حصلت نتيجة عدم التوفيق في اختيار الرجل الصالح..
انتهى حديث الناصح المشفق.. ولم تنته مأساتي بعد!!